أخبار عاجلة

مقالة

حزب الله" وموجة الحراك الجديدة.. دعه يثور دعه يمر!
26-04-2020 | 12:02

علي منتش - أكثر من غيره من الأحزاب يرتاب "حزب الله"، فهو بوصفه حزباً أمنياً يمتلك مخزونا معلوماتياً يجعله يعرف اكثر من غيره ما وراء الحدث وحوله، وعليه يبني مواقفه وخطواته، وهذا ما حصل مع موجة الحراك الاولى التي كان الحزب من المتحمسين لها في بادئ الأمر، لكنه سرعان ما تراجع بعدما وجد مؤشرات تدخلات خارجية مباشرة او مساعدة، وفي محاولة منه لحماية الحكومة آنذاك سحب مناصريه من الشارع ما تدحرج الى استعداء المنتفضين، ولو اعلاميا. اليوم تتحضر البلاد لموجة اخرى من الحراك الشعبي، وبعيداً عن حجم هذه الموجة، المرتبط باللحظة التاريخية المستقطبة، غير أن الحزب الذي بات له حكومة كاملة الاوصاف بدّل الى حد ما نظرته الى التحركات.


لن يذهب الحزب الى الاصطدام مع الحراك الشعبي مجدداً، وعلى الارجح فلن يدعو مناصريه للخروح من الشارع، فهو اضافة الى تعلمه من التجربة الماضية، يرى انه من غير الممكن لحكومته العمل الا من خلال دعم شعبي واضح.


ما يساعد الحزب على تقبل الحراك اكثر، هو الفرز الذي طرأ على شارع المنتفضين، بعد قضية رياض سلامة وقبلها بقليل،.فاليسار عموماً اضافة الى عدد من المجموعات المؤثرة في بيئته الواسعة اخذت موقفاً راديكالياً داعماً لاقالة رياض سلامة، في مقابل مجموعات اخرى رفضت الاقالة وهاجمت حكومة دياب، وهذا ما يهم الحزب، اذ أن الحراك الذي يتغذى من الشارع الشيعي بشكل اساسي ليس معادياً لحكومة دياب بل على العكس تماما، وهكذا سيكون هذا الشارع حُجة يفضح تسييس بعض التحركات ويكون مُهذباً ومراقباً لحكومة دياب والاهم سيكون داعماً لخطوات تحتاج الى دعم شعبي في الشارع.


قد يكون قرار الوقوف ضد رغبة الشارع في 17 تشرين اصعب قرار اخذه "حزب الله" منذ فترة طويلة، اذ ان الحزب يدرك جيداً رغبة شارعه وحاجاته، وهو يعلم أن هذا الشارع كان يتعطش ليكون جزءاً من الانتفاضة الشعبية لكن ذهب الى الخيار الصعب، ولمرة واحدة فقط، لذلك فالحزب اليوم بات اكثر ارتياحاً في التعاطي مع الشارع، والأهم انه بات اقل إرتياباً.


يسعى الحزب ليكون الحراك الشعبي ضدّ المصارف والمصرف المركزي ويواكب الحكومة في قراراتها، حتى انه لن يكون مزعوجاً في الهجوم على السياسيين ولا عليه حتى. الاساسي لديه ان يكون الحراك مواكباً للحكومة لا ان يكون خصماً ومواجهاً لها، لذلك يجب تحويل دياب الى حالة شعبية، وان كانت آنية، يستفيد من معارضة الزعماء التقليديين له لجذب قسم من الحراك، عندها يحقق الحزب أمرين، الأول يحصن الحكومة ويجعلها جزءاً من الحراك لا طرفاً مقابلاً له، والثاني تصبح القرارات الجذرية التي قد تتخذ محمية شعبياً ما قد يكسر بعض الخطوط الحمر التي لا يمكن للحزب نفسه كسرها.


هكذا سيواكب الحزب مسار الحراك المتصاعد والمتجدد، بحملة سياسية واضحة بخطاب اعلامي متكامل محرض على التحرك ضد بعض النقاط في البلد، اضافة الى ربط نفسه بالحكومة واظهارها حكومة راغبة بالانجاز، لكن هناك من يحاول منعها. من هنا سيخاطب الحزب ودياب جزءاً من الشارع، وهو للمفارقة الشارع الذي يهم الحزب ويعنيه، وقد تصل الأمور الى طلب المساعدة العلنية لتحقيق بعض الانجازات بالضغط.


مشكلة بعض الحراك، اليساري والناصري و"الشيعي المستقل" مع الحزب انه لم يكن الى جانبهم في الحراك، اذ ان نزولهم الى الشارع لم يكن بهدف ضرب "حزب الله" او التآمر عليه، لذلك فإن الخيبة التي حصلوا عليها بعد موقف الحزب وادت الى سقوط ثقتهم به، ادت الى موجة من التشكيكات وصلت عند موضوع المقاومة في قضية الفاخوري، وهذا ما تطلب كلاماً واضحاً من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. بإختصار، يسعى الحزب الى تحقيق مصالحة عملية مع الحراك يوازن فيها بين الحفاظ على المؤسسة التنفيذية، التي لا يزال الحزب يتخوف من الفراغ فيها، وبين كونه جزءاً من حركة تصحيح مسار البلد المالي والاقتصادي المتناغم مع المنتفضين، وبين استعادة الثقة مع جزء من المكون اللبناني عموماً والشيعي خصوصاً المرتبط بحركات اليسار وغيرها من مؤيدي المقاومة.