أخبار عاجلة

مقالة

عيد عمّال من دون عمل: بأيّة حال ...!
01-05-2020 | 08:49

اندريه قصاص - كان على الحكومة هذه السنة أن تلغي عيد العمال من روزنامة الأعياد، التي يتوقف فيها العمل للإحتفال. فكيف سيحتفل العمال بعيدهم هذه السنة وهم من دون عمل؟


اليوم يتذكرّ كثيرون المتنبي عندما قال "عيد بأية حال عدت ياعيد...". كيف تريدون أن يحتفل العمّال بعيدهم، وليس في جيوبهم فلس واحد يردّون به الجوع عن عيالهم؟


فبأي عين تستطيع الحكومة أن تعيّد عمّال لبنان، وهم يفترشون الطرقات إحتجاجًا على سياسة التجويع؟


وعلى طريقة "الحق عليهم"، ودائمًا بصيغة المجهول، لكن المقصود شخص واحد لا غير، ستحاول الحكومة، وكعادة رئيسها، أن تغبّر على كنّاس، وأن تزايد في الشكوى على من يُفترض به أن يشكو، وأن تلقي بهمّها على من لم يعد يستطيع الإحتمال لكثرة الأحمال الثقيلة الملقاة على منكبيه.


ما عسى الرئيس حسّان دياب أن يقول لهؤلاء العمّال، الذين تتآكلهم الهموم وضغوط الحياة، التي لا ترحم، وبأي كلمات سيتوجه إلى عمّال مطرودين من عملهم، وهم يرفعون شعار "إرحلي" في وجه حكومة الوعود الفارغة، وهي باتت على مشارف الإحتفال بمرور مئة يوم من عمرها، وهي المدّة التي أعطتها الحكومة لنفسها لكي تحقق وتنجز وتبهر وتفاجىء، لكن لسوء حظّها خيّب وباء "كورونا" آمالها، وربما هي بدورها ستستعين أيضًا بالمتنبي فتقول "مصائب قوم عند قوم فوائد". فقد جاءت الـ"كورنا" من دون "عزيمة" لتنقذ ماء وجه الحكومة، التي إستعملت هذا الوباء كشماعة لتعلق عليها فشلها، وإن نجحت نجاحًا نسبيًا في الحدّ من إنتشاره بمساعدة الإعلام وتجاوب المواطنين مع إرشادات وزارة الصحة.


وقد صودف الإستعداد لهذا اليوم الحزين بالنسبة إلى كثير من العمّال أن أعُلن عن يوم 30 نيسان بأنه يوم تاريخي ليضاف إلى الأيام "التاريخية" الكثيرة، وكأن من يؤرخ لم يسمع بعد أنّات العمّال ووجع الفقراء وصرخات الذين ينزلون إلى الشارع سلميًا للمطالبة بحقّهم بالعيش الكريم وبعرق الجبين.


وفي كل مرة يتمّ الإعلان عن يوم "تاريخي" تأتي التطورات والأحداث الدراماتيكية لتدحض هذه المقولة، على أن يكون اليوم التاريخي هو اليوم، الذي لا يضطرّ فيه العامل إلى توسّل الشارع للوصول إلى حقّه، ولا إلى الإنتظار في صفوف العاطلين عن العمل الذين ينتظرون أن "تتحنن" عليهم حكومتهم بـ 400 ألف ليرة (الله لا يكسر حدن).


فاليوم التاريخي بالنسبة إلى عمّال لبنان يكون بالإعتراف بحقوقهم كعمّال، والاّ يكون مصيرهم ومصير عيالهم مهدّدًا كلما هبّت ريح من هنا، أو كلما "تعوكر" مزاج صاحب معمل أو دكان.


اليوم التاريخي يكون عندما تتوافر فرص العمل لمئات الألوف من اللبنانيين، وبالأخصّ الشباب منهم الذين يتخرجون من الجامعات والمعاهد برتبة "عاطل عن العمل"، وهم يرفضون أن يعيشوا عالة على وطنهم وأهلهم، وبالتالي يفضّلون السفر حتى إلى بلاد "الماو ماو" إذا توافرات لهم فيه فرص العمل، مع أن الذين أبدوا رغبة بالعودة إلى الوطن في زمن الـ"كورونا"لم يتحمسوا للعودة إلى أحضانه، بل إلى أحضان أهلهم ومحبيهم، حيث يشعرون بينهم بالأمان.


إذا كان المسؤولون يرغبون في أن يكون في لبنان يوم تاريخي فما عليهم سوى الرحيل.