أخبار عاجلة

مقالة

مدينة مظلمة والنفايات تهدد شوارعها.. بيروت غارقة في العجز
18-04-2021 | 19:05

حتى إشعار آخر، ستبقى أعمدة الإنارة في بيروت مطفأة ومشاريع الترميم معلقة والحفر تغزو الطرق.


فلم تعد بلدية العاصمة ذات الموازنة الأكبر في البلاد بين البلديات تجذب المتعهدين مع استمرار دفع تكاليف المشاريع بالليرة اللبنانية الفاقدة القيمة.


ويقول مسؤول في البلدية مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس، "ما من متعهد يريد العمل مع البلدية".


ليلاً، تغرق شوارع بيروت في الظلام جراء تقنين قاس تفرضه مؤسسة كهرباء لبنان من جهة وأعمدة إنارة وأضواء أنفاق تلفظ أنفاسها الأخيرة في انتظار صيانتها من جهة ثانية.


تمرّ السيارات بصعوبة بين حفر في بعض الطرق. وعند كل تقاطع، يحاول السائقون تفادي التعرّض لحادث بسبب إشارات ضوئية مطفأة أو محطّمة.


ومنذ نحو عام ونصف، لم تتجدد عقود صيانة الإنارة والطرقات وإشارات السير.


وأعلنت بلدية بيروت عن مناقصة لتلزيم مشروع صيانة إنارة شوارع وأنفاق بيروت، لكن خلال اجتماعين عقدا الشهر الماضي لتلقي العروض، لم يحضر أحد.


ويعاني لبنان منذ عقود أساساً من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ومن ساعات تقنين طويلة تتخطى 12 ساعة في بعض الأحيان. 


وتدين بلدية بيروت اليوم بـ27 مليار ليرة تراكمت على مرّ 15 عاماً لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وفق المسؤول في البلدية.


ومنذ صيف العام 2019، على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان، بدأت الليرة تتراجع تدريجاً أمام الدولار وسط أزمة سيولة حادة. ويلامس سعر الصرف في السوق السوداء اليوم 12 ألفاً للدولار. أما سعر الصرف الرسمي فلا يزال مثبتاً على 1507 ليرة. 


وبالتالي، لم تعد التلزيمات مربحة وسط عدم القدرة على استيراد مواد أولية يحتاجها المتعهدون بالدولار، وعدم قدرة البلدية على الدفع إلا بالعملة المحلية.


ويقول المسؤول "إذا أردنا تلزيم مشاريع لهذا العام"، بحسب سعر الصرف الذي يريده المقاولون، "فلن تبقى أموال في الخزينة".


في مناطق تضررت من انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس، الذي تسبّب بمقتل أكثر من مئتي شخص وبدمار هائل في الأحياء القريبة، تبقى حركة الترميم بطيئة، في ظل أعمال يقوم بها بضعة متعهدين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحد.


ولم تتمكن البلدية التي وقعت عليها مهمة تلزيم مشاريع تدعيم البنى المتضررة، من إتمام المهمة.


ويقول المسؤول "قسمنا المباني المتضررة إلى 15 مجموعة، نجحنا في تلزيم أربع مجموعات فقط".


ورغم إعلان المناقصة مرات عدة، لم يبد أحد اهتماماً بالمجموعات الأخرى. أما الشركات العاملة حالياً فبدأت تشتكي كون العقد الذي وقعها كل منها بقيمة ملياري ليرة، جرى حين كان سعر الصرف ستة آلاف. 


على صعيد آخر، تبدو أزمة نفايات جديدة حاصلة حتماً ما لم تتمكن البلدية من إيجاد حل مع شركة "رامكو" المتعهدة إزالة النفايات.


ويقول المسؤول "لا يزال العقد سارياً مع الشركة، لكنها بين الحين والآخر تُهدد بالإضراب وتعليق العمل، لأنها تريد تعديل السعر".


وكانت قيمة العقد بالليرة اللبنانية تعادل 14 مليون دولار سنوياً، بحسب ما يقول رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني لفرانس برس، لكنها تبلغ اليوم نحو مليوني دولار، وفق سعر السوق السوداء. 


في شوارع بيروت التي تشهد منذ أشهر طويلة احتجاجات شعبية متقطعة على الوضع المعيشي تركت آثارها على إسفلت المدينة حيث تحرق بين الحين والآخر إطارات، وعلى جدرانها حيث تكتب شعارات تشتم المسؤولين وتطالب بتنحيهم، يبدو الناس منصرفين الى أعمالهم... وهمومهم.


ولم تجد مناقصة صيانة الطرق والأرصفة من يتلزمها حتى الآن.


في أحد شوارع منطقة الحمرا، يشهد تقاطع رئيسي بين الحين والآخر حادث سير، فيما إشارة السير مكسورة منذ أشهر، ونادراً ما تعمل.


وكانت هيئة إدارة السير تستخدم مدخولها من عدادات مواقف السيارات في بيروت لتمويل صيانة إشارات السير ونفقاتها، فيما تحصل البلدية بالمبدأ على جزء من العائدات. 


وأثار إعلان البلدية عام 2019 أنّها لم تتلق أي مبلغ من العائدات، تساؤلات عدّة. وخلال التحركات الشعبية المناهضة للسلطة، تعرَض عدد من العدادات للتخريب على أيدي محتجين غاضبين إثر تقارير إعلامية عن شبهات فساد في الملف.


ومنذ ذاك الحين، توقّفت أيضاً صيانة إشارات السير.