أخبار عاجلة

مقالة

القضاء والتيار العوني: المكاسرة وجهاً لوجه‎!‎
21-04-2021 | 06:50

صحيح ان مجلس القضاء الأعلى كرس مبدئياً، في القرار الذي انتهى اليه امس في قضية تمرد القاضية غادة ‏عون على سلطة النائب العام التمييزي غسان عويدات، المسلكية القانونية في التعامل مع هذه السابقة الخطيرة، ‏ولكن التداعيات الثقيلة التي أرخاها التدخل السياسي المفرط والفاقع في هذا التطور ظلت مهيمنة على المشهد ‏القضائي وعبره على مجمل واقع الدولة المهلهلة.


لم يكن أدل على النية الثابتة في الامعان في تسييس تمرد القاضية ‏عون وجعله عنوان رسائل وعراضات قوى من جانب تيار العهد سوى إصرار "التيار الوطني الحر" على ‏مواكبة القاضية عون الى قصر العدل، حيث استمع اليها مجلس القضاء الأعلى بعراضة جديدة للأنصار والموالين ‏من جهة، ومن ثم إصرار "تكتل لبنان القوي" لاحقا على تثبيت أبوته السياسية المباشرة لحالة التمرد القضائية ‏التي جسدتها القاضية عون ومكاسرة القضاء من جهة ثانية.


تبعاً لذلك سيكون مشروعاً تماماً ان يغدو مجلس ‏القضاء الأعلى في الأيام المقبلة امام محك قاسٍ وحاسم ونهائي يتقرر فيه منسوب قدرته على تنفيذ القرارين اللذين ‏اتخذهما بحق عون، وإقرانهما بسلوكيات حاسمة تعيد المهابة الكاملة الى النظام القضائي والتزام هرميته وأصوله ‏وأعرافه. وما لم تظهر الترجمة السريعة والحازمة للإجراءات المقررة من المجلس ومن النائب العام التمييزي، ‏فان الخلاصة المفجعة الحتمية التي ستفضي اليها هذه التجربة ستتمثل في هزيمة التمرد للقضاء كلاً، بلا زيادة او ‏نقصان، مع كل ما تعنيه هذه الهزيمة المحتملة من تداعيات مدمرة على القضاء والسلطة القضائية المستقلة‎.‎

‎ ‎

فعلى مدى ساعة ونيف، استمع مجلس القضاء الاعلى الى القاضية عون، واستمر اجتماع المجلس حتى الخامسة ‏عصرا، واصدر قرارا يقضي باحالتها الى التفتيش القضائي والزامها الامتثال الى قرار مدعي عام التمييز ‏القاضي غسان عويدات.


واعتبر المجلس "ان ما حصل فعلياً أن مجلس القضاء الأعلى، اتخذ قراراً انطلاقاً من ‏الدور المناط به بموجب القوانين بالسهر على حسن سير القضاء وعلى كرامته واستقلاله، وقد توزع على مسارات ‏ثلاثة هي:


الطلب من النائب العام لدى محكمة التمييز، ومن رئيس هيئة التفتيش القضائي اتخاذ الإجراءات المناسبة ‏كلٌّ ضمن نطاق اختصاصه بخصوص أداء القاضية السيّدة غادة عون، والاستماع إليها من قبل المجلس، بسبب ‏خرقها موجب التحفظ، وعدم التزامها تنفيذ تعهداتها المتكررة أمام المجلس، وتمنّعها عن الحضور إلى النيابة العامة ‏التمييزية، وبالنظر لمواقفها وتصرفاتها إثر صدور قرار النائب العام لدى محكمة التمييز تاريخ 15/4/2021 ‏المتضمّن تعديل توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وفي ضوء مضمون أقوال القاضية ‏السيّدة غادة عون في جلسة استماعها أمام مجلس القضاء الأعلى ، قرّر المجلس‎:‎


الطلب من هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى‎.‎


الطلب من عون الإلتزام بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز المعمول به حتى تاريخه‎".‎


واكد المجلس "أن مسار أي تحقيق في أي ملف قضائي، سيُتابع حتى خواتيمه من قبل القضاء المختص، أياً يكن ‏القاضي الذي يتابعه، بصرف النظر عن أي اعتبارات خارجة عن الإطار القضائي‎".‎

‎ ‎

ووفق أجواء المجلس فانه كرس بقراره الإحتكام إلى القانون والإمتثال الى القرارات القضائية التي تصدر عن ‏المرجعيات القضائية وتنفيذها كل في إطار صلاحياته الممنوحة له بموجب القانون تبعا للتراتبية القضائية ‏وضرورة إلتزام القضاة بها وعدم التداخل في الصلاحيات في الملفات المطروحة أو تلك التي ستطرح أمام ‏القضاء، ووجوب تقيد المرؤوسين برؤسائهم. وإنطلاقا من ذلك فإن قرار النائب العام التمييزي المتعلق بتوزيع ‏الأعمال الذي أصدره في 15 نيسان الجاري قد صدر وأصبح نافذا على أصله.


ويبقى تسليم الملفات الى المحامين ‏العامين الثلاثة في هذه النيابة العامة التي تتصل بالجرائم المالية والقتل والمخدرات الى القضاة سامي صادر ‏وطانيوس السغبيني وسامر ليشع الذي اوكلت اليه الملفات المالية، وذلك ضمن مهلة الخمسة أيام الملحوظة في قرار ‏القاضي عويدات، لإيداعهم إياها.


ووفق المعلومات فإن النائب العام التمييزي سيلتقي القضاة الثلاثة غدا الخميس في ‏إجتماع تنسيقي يعقده في مكتبه‎.‎

‎ ‎

‎"‎التكتل" يحرض‎!‎

وفي ما ينطوي على نية واضحة في كسر القرار القضائي سارع "تكتل لبنان القوي" الى التحريض على رفضه ‏من زاوية دعوة "جميع اللبنانيين للدفاع عن حقوقهم وذلك بدعمهم من يعمل على كشف المسؤولين عن التسبب ‏بالإنهيار المالي وملاحقتهم قانونياً وإسترداد حقوق الناس من الذين حوّلوا الأموال إستنسابياً للخارج خلافاً ‏للأخلاق وللإنتظام العام".


واعتبر "أن منع القاضي الذي يلاحق قضايا الناس من مواصلة التحقيق في الملفات ‏المفتوحة يلامس حدّ الجرم بحق اللبنانيين ويطرح أسئلة حول السبب الكامن وراء هذه الهجمة السياسية والقضائية ‏والإعلامية والمالية والأمنية ضد قاض يقوم بواجباته".


ولم ينس ترداد المعزوفة التي تتهم رئيس الحكومة المكلف ‏سعد الحريري بعدم وجود قرار لديه بتشكيل حكومة في لبنان معتبرا ان "الإستمرار بتوزيع الحجج حول الثلث ‏الضامن وحول الإختصاصيين هي أمور لا خلاف عليها وتستعمل فقط للتعمية وللقول أن هناك خلافاً على أمرٍ ‏ليس هناك من خلاف حوله، وهذا أيضاً يؤكد عدم وجود النيّة بتأليف الحكومة‎ " .‎‎ ‎


وسط هذه الأجواء غرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر "تويتر" قائلا: "يبدو ان الصراع ‏الاقليمي يشتد على لبنان الامر الذي يجعل الديكة المحليين يتقاتلون غير مبالين بسمعة المؤسسات وحرمتها. وفي ‏هذا المجال فانه من الواجب تحصين الجيش وتحييده ودعمه مادياً ومعنوياً والخطوة الاساس تكون في وقف الدعم ‏للتجار وتخصيص البطاقة التموينية للمواطن قبل ان يغرق الهيكل‎".‎


النهار