أخبار عاجلة

ألعالم

العملات العربية تنزف.. الإصلاحات مؤجلة والليرة اللبنانية ليست بخير
27-01-2023 | 22:47

تنزف عملات محلية في دول بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خصوصا لبنان وسوريا ومصر والعراق، وكانت الأسابيع الماضية ذروة التراجعات، فجاءت الانخفاضات متتالية في هذه الدول.


فما الأسباب الاقتصادية لانهيار العملات، وهل الحلول عينها تطبق للدول العربية بالشكل نفسه؟ وهل تشهد اقتصاد المنطقة مزيدا من "الدولرة" (استخدام الدولار توازيا مع العملة المحلية)؟


ورد في دراسة اقتصادية سابقة بعنوان "انهيار العملات في الأسواق الناشئة" أن "انهيار العملة" هو انخفاض اسمي لها بنسبة 25 في المئة على الأقل. ومن أسباب أزمات العملة المحلية، المضاربة عليها، ما يؤدي إلى انخفاضات مفاجئة في الاحتياطيات من العملة الصعبة بالبلاد.

وتشير الخبيرة الاقتصادية ليال منصور، في حديث لوقع "الحرة" إلى أنه في "الدول غير المتقدمة، تكون العملات ثابتة إجمالا أمام الدولار، وهذا يعني أن قيمة تلك العملات متوقفة على كمية الاحتياطي من الدولار الموجود في المصرف المركزي".


وتوضح أن "أي سوء إدارة يؤدي إلى استنزاف الدولار وضخ العملة الصعبة في الاقتصاد ما ينتج عنه انهيارا بالعملة الصعبة".

وتقول منصور إن "دول المنطقة، مثل العراق وسوريا ولبنان، لديها نفس المواصفات، لجهة إهدار المال العام، وطباعة أموال زائدة تخل بالتوازن الاقتصادي، واستنزاف الدولارات، من خلال قروض أو إجراء مشاريع غير منتجة ولا تدر عوائدا بالدولار".


وتضيف أنه في المقابل "ليس هناك سياسات تحفز إدخال الدولارات للاقتصاد في هذه الدول، الأمر يؤدي إلى تراجع بسعر الصرف".

إلا أنه لا يمكن تطبيق الحلول عينها في كل اقتصادات المنطقة، فحل الدولرة الشاملة أو اعتماد صندوق الإصدار المطروح للبنان، لا يمكن تطبيقه على مصر والعراق، فلبنان مدولر منذ أكثر من 40 عاما، حسب منصور.

وفي حين تشهد دول المنطقة تراجعات حادة في قيمة عملاتها المحلية، إلا أن هناك اختلافات شديدة في الأسباب التي أدت إلى هذه الانهيارات. ولكن المعيار حسب علم الاقتصاد، هو الخلل في ميزان المدفوعات، وخصوصا في الميزان التجاري. فإن ضعف زيادة الاستيراد على حساب التصدير تزيد من خروج العملات الصعبة من البلاد.

ويرجع انخفاض التصدير إلى ضعف الإنتاج، وتاليا نمو الناتج المحلي الإجمالي. هذا فضلا عن أنه غالبا، عندما تستدين الدول النامية لا تأخذ بالحسبان مستوى الدين من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يؤدي أيضا إلى خروج كميات إضافية من العملة الصعبة من البلاد.

يشير الخبير الاقتصادي أحمد معطي، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن "التوقعات الاقتصادية للبنان صعبة، حيث سيشهد المزيد من التراجعات بسعر الليرة التي وصلت إلى مستويات متدنية تجاوز فيها الدولار الـ62 ألفا".

وأكد معطي أنه كي يتوقف نزيف لليرة في لبنان يترتب:


وجود استقرار سياسي.

أن تكون مصادر الدولار متوافرة.

عودة الثقة بالاقتصاد.

تنازل بعض الجهات عن ديونها.


ولكنه يقول إن جميع هذه العوامل غائبة، ولا يوجد استقرار في الشارع، إضافة إلى غياب القدرة على ضرب السوق السوداء للدولار. هذا فضلا عن مستويات الإنتاج المتدنية والمؤشرات الاقتصادية السيئة للغاية. فهناك انكماش بالناتج المحلي الإجمالي منذ أكثر من سنتين، ما يعني أن لبنان في حالة كساد.


ويشرح أن "ذلك يعني زيادة الضغط على الدولار بسبب ضعف التصدير الذي يدخل عملة صعبة، وزيادة الاستيراد الذي يخرج الدولار من الاقتصاد".

ويلفت معطي إلى "مستويات البطالة المرتفعة جدا التي وصلت إلى 14,5 في المئة".


ويؤكد أن "الحلول يجب أن تكون سياسية، فتبدأ دول عدة بالتنازل عن ديونها تجاه لبنان ومساعدته".

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي مدحت نافع في حديث لموقع "الحرة" أن "ما تشهده عملات الدول العربية في لبنان والعراق ومصر من تراجعات متفاوتة في قيمتها مقابل الدولار له أسباب متباينة".


ويوضح أن "الوضع في لبنان مرتبط بأزمة سياسية في المقام الأول، واتصل بها تضخم جامح مع اعتياد المجتمع اللبناني على الدولرة (أو التعامل داخليا بالدولار الأميركي) منذ أمد بعيد، خصوصا بعدما اتسعت الفجوة بين سعر الدولار المثبّت رسميا عند 1500 ليرة وسعره في السوق الموازية والذي تجاوز الـ60 ألف ليرة".


"الوضع العراقي أسهل"

أما في العراق، فيقول معطي إن "مشكلة الدينار ممكن أن تكون حلولها أسرع من لبنان ومصر في حال اتخذت السلطات القرارات بسرعة. وذلك كون العراق لديه احتياطات كافية من الدولار، إضافة صادرات النفط".

وأكد أنه "عندما تضخ الدولة العراقية جزءا من الاحتياطي في الأسواق، فسيحصل ارتياح".


وشدد على أن "الحل الأمثل هو التواصل مع الجانب الأميركي بعد فرض عقوبات على بعض البنوك، وتنفيذ الشروط الأميركية. لذلك فإن الحل بالعراق سهل".

وتزامن تراجع قيمة العملة العراقية مع فرض ضوابط جديدة على الحوالات، وحرمان بعض البنوك من المشاركة في مزادات بيع العملة. وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك قد أقر ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية في نوفمبر.


وأشارت وكالة رويترز في تقرير، الأربعاء، إلى أن مجمل الخطوات التي اتخذت، والتي ترتبط بالدولار هدفها "وقف تهريب العملة الأجنبية إلى إيران".

وشرح أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية، عبدالرحمن نجم المشهداني، في حديث سابق لموقع "الحرة"، أساليب "تهريب العملة الأجنبية من العراق"، موضحا أن السيناريو الأكثر شيوعا يرتبط في "استيراد بضائع من إيران ودول مجاورة، بفواتير إما لصفقات سلع وهمية، أو بفواتير مزورة يتم تضخيم الأسعار فيها بمستويات كبيرة".


تظاهرات أمام البنك المركزي العراقي بسبب انخفاض الدينار

تهريب الدولار للخارج.. مشكلة تهدد اقتصاد العراق

مع استمرار أزمة الدولار في العراق، وانخفاض سعر العملة المحلية، تظاهر مئات العراقيين الأربعاء، أمام مقر البنك المركزي في بغداد مطالبين بتخفيض سعر الدولار، ويحمولونه مسؤولية ما آلت إليه الأمور.


وأضاف أن بعض التجار والمستوردين يخفون أسماءهم من تعاملاتهم التجارية حتى لا تظهر ضمن قوائم "البنك المركزي، أو الضريبة والجمارك"، وبعضهم لا يمتلك شهادة مستورد تتيح له بالإصل إجراءات تبادلات تجارية.

وبين المشهداني أنه بعد الإجراءات التي فرضها المركزي بتتبع مصادر الحوالات سواء المستقبل أو المرسل، والتدقيق على "شحن البضائع ووصولها للعراق" دفعت التجار وناشطين في تهريب العملة بالجوء للسوق النقدي، بحيث يتم "تهريب دولار الكاش"، وهذا السيناريو الأكثر نشاطا خلال الأيام الحالية.


وضع مصر نحو الأفضل

يؤكد معطي أن "مصر تعدت المراحل الاقتصادية الصعبة، وباتت البيانات والمؤشرات ممتازة، فصحيح أن مصر شهدت تراجعات شديدة بالجنيه، لكن وضعها أفضل بكثير من لبنان والعراق".

وشرح أن "الضغوط على الجنيه يعود إلى استيراد مصر أكثر مما تصدر، فالعجز التجاري كبير".


وتابع أن "مصر تستورد القمح والحبوب من روسيا وأوكرانيا، وأغلب السياحة فيها من هذين البلدين. لذلك فإن المصادر الدولارية انخفضت نتيجة تراجع السياحة. إضافة إلى أن كمية الدولارات من أجل الاستيراد ارتفعت جراء التضخم".

وأوضح أن ذلك "ضغط على العملة المحلية، إضافة إلى ارتفاع الفائدة الأميركية التي أدت إلى سحب بعض المستمرين دولاراتهم من مصر وشراء سندات خزانة أميركية".

وختم معطي أن "الوضع مطمئن في مصر لناحية مستويات الدين وزيادة النمو في الناتج المحلي الإجمالي".


ومن جانبه، لفت نافع إلى أن "مصر والعراق لهما شأن آخر، فتأثرتا بسياسة التشديد النقدي للفيدرالي الأميركي واضطراب سلاسل الإمداد، لكن شبح الدولرة يظل بعيدا عن الاقتصادين، نظرا لتنوعهما واستقرار الوضع السياسي، وإن كان الوضع الأمني في العراق خارج المنطقة الخضراء يظل غير مأمون بالكامل".


وقال نافع إنه "على مختلف الدول التي تعاني من التضخم اتباع سياسات نقدية ومالية انكماشية مع تعويض قطاعات الانتاج عن ارتفاع تكاليف الاقتراض نتيجة رفع أسعار الفائدة وذلك بسياسات مالية وتجارية مشجعة للإنتاج والتصدير والإحلال محل الواردات"، موضحا أن "الطلب على الدولار هو طلب مشتق من الطلب على الواردات والدين الخارجي وكلاهما يمكن تعويضه بتعزيز الاستثمار".