أخبار عاجلة

إقليمي ودولي

هل من تبعات اقتصادية للاتفاق السعودي الايراني؟
12-03-2023 | 08:25

يفتح التقارب السعودي الإيراني صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فيما يتوقع أن ينعكس هذا الأمر بخفض التصعيد والحد من التوتر في المنطقة في وقت يشهد العالم توترات سياسية وعسكرية.


وبعد يوم على الإعلان عن اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية ارتفع الريال الإيراني، السبت، بنسبة طفيفة، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، فيما يؤكد محللون تحدثوا لموقع "الحرة" أن استمرار التقارب ستكون له آثار اقتصادية محدودة.


وأوضحوا أن هذا التقارب قد يخدم بشكل كبير المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة، ولكن استفادة طهران الاقتصادية منه ستبقى في حدود ضيقة ما لم ترفع العقوبات الدولية.


هل سيؤثر على "الاقتصاد العالمي"؟

أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية، عبدالرحمن نجم المشهداني، قلل من تأثير هذا التقارب على الاقتصاد العالمي، ويرى أن "آثاره على المدى القريب والمتوسط قد تكون سياسية وأمنية ترتبط في المنطقة".


ويشرح المشهداني في رد على استفسارات موقع "الحرة" أنه قد يكون لهذا التقارب آثار اقتصادية إيجابية، ولكنها لن تظهر إلا "بعد تخفيف العقوبات الأميركية والدولية على إيران"، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أن هذا الأمر قد يحصل "خاصة وأن التقارب تم بوساطة صينية وليس أميركية".


وأضرت إعادة فرض العقوبات الأميركية، في 2018 من الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بالاقتصاد الإيراني مع الحد من صادرات النفط الإيرانية وتراجع القدرة على الحصول على العملات الأجنبية، بحسب تقرير لوكالة رويترز.


وأشار موقع الصرف الأجنبي الإلكتروني "بونباست دوت كوم" إلى أن الريال الإيراني سجل السبت 447 ألفا مقابل الدولار في السوق الحرة غير الرسمية مقارنة مع 477 ألفا الجمعة.


وهبط الريال الإيراني إلى مستوى قياسي عند 601500 للدولار، في أواخر فبراير ،ولكنه عاد للارتفاع، في مارس ،بعد تراجع التوتر بشأن البرنامج النووي الإيراني على ما يبدو مع زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى طهران.


وفقد الريال ما يقرب من 30 في المئة من قيمته منذ بدء الاحتجاجات واسعة بإيران، في سبتمبر، بعد وفاة شابة إيرانية كردية أثناء احتجازها من قبل الشرطة.


ويتفق المحلل الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، مع المشهداني، وقال إن "التأثير على الاقتصاد العالمي على المدى القريب والمتوسط سيكون محدودا، إذ أن حجم الاقتصادين السعودي والإيراني مجتمعين لا يمثل سوى 2 في المئة من إجمالي الاقتصاد العالمي، إذ يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للسعودية تريليون دولار، فيما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لإيران 460 مليار دولار".


وأضاف في حديث لموقع "الحرة" أنه في حال استمر هذا التقارب على المدى الطويل ستكون للرياض وطهران أهمية "كبرى في خطط الصين ضمن مبادرة الحزام والطريق، ما قد يعزز من الاقتصاد الصيني في حينها".


ويوضح الشوبكي "أنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم توترات جيوسياسية غير مسبوقة حيث تنشغل القوى العظمى بالحرب في أوكرانيا، تحركت الصين وهي الشريك التجاري الأول لإيران والسعودية، إذ تستفيد بكين من أنها المشتري الرئيسي للنفط من كلا البلدين، ولديها اهتمام باستقرار المنطقة من أجل مبادرتها لضمان انسياب بضائعها لأوروبا وأفريقيا".


وأشار إلى أنه رغم التقارب "الدبلوماسي والسياسي الذي أعلن عنه، إلا أنه قد تبقى حالة التنافس بينهما قائمة، خاصة فيما يتعلق بمشتري النفط خصوصا في آسيا، إذ أن كلا من السعودية وإيران يصدران النفط كمنتج أساسي".


ولا يعتقد المحلل الشوبكي أن هذا التقارب سيعزز من التبادلات التجارية بين البلدين، ولكنه "قد يعزز من الاستقرار في المنطقة، ما يجذب المزيد من الاستثمارات، خاصة إذا ما تم إحياء الاتفاق النووي ورفعت العقوبات عن طهران".


من جانبه، يرى المشهداني أن هذا التقارب قد تنشأ عنه آثار طفيفة ترتبط باقتصاد البلدين بشكل مباشر، تتعلق بالسياحة الدينية، ولكن على صعيد التبادلات التجارية قد تبقى محدودة جدا.


ويقلل مقال للرأي نشرته وكالة بلومبيرغ من الآثار الاقتصادية للتقارب، خاصة وأن "صادرات النفط الإيرانية إلى الصين تخرق العقوبات، وتقلل حصة السعودية في ذلك السوق الهام".


ويوضح أن الصين في هذا الملف تتعامل "مع واحدة من أكثر العداوات استعصاء في العالم"، ورغم أنها تتردد في التدخل في أزمات الآخرين، إلا أنها "تدخلت أخيرا لتحمل مسؤوليات صنع السلام" في المنطقة.


وتتنافس القوتان الإقليميتان الكبيرتان على زعامة المنطقة منذ عقود عدة، في إطار خصومة بدأت بشكل رئيسي مع قيام الثورة في طهران، عام 1979، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.


ومن ناحية تأثير هذا التقارب على سوق النفط، لا يعتقد المشهداني أن يكون له تأثير كبير على المدى القريب، خاصة وأن "حصص مبيعات إيران من النفط تحددها العقوبات الأميركية".


ولم ينف أن مثل هذا التقارب قد يدفع "باتجاه القرارات في تحالف أوبك بلاس"، مشيرا إلى أنها لن تعزز بالضرورة من الموقف الروسي، خاصة وأن موسكو أصبحت تستحوذ على حصص الصادرات نحو الهند والصين".


ولم تظهر أسعار النفط "ردة فعل فورية" بعد الاتفاقية الجديدة، فيما يتوقع محللون أنها ستساهم في تخفيف التأثيرات التي تضرب السوق بشكل دوري نتيجة التوترات بين الخصمين، اللذين تدهورت علاقتهما خلال السنوات الأخيرة، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.


من جانبه، يوضح الشوبكي أن الاتفاق الجديد قد "يعزز من اللوبي الروسي داخل أوبك بلاس، بما يعني أن موسكو ستجد لها دعما أكبر ضمن هذا التحالف بتقارب الرؤى بين الرياض وطهران للحفاظ على مستويات أسعار للنفط تضمن إيرادات جيدة للدول المنتجة".


وأشار إلى أن طهران والرياض تسيطران على 14 في المئة من إنتاج النفط في العالم، ولديهما خطط ضخمة في قطاع الطاقة، ناهيك عن ارتباطهما بمضيف هرمز الذي يمر عبره أكثر من 21 في المئة من إمدادات الطاقة حول العالم، حيث يذهب أغلبها نحو الأسواق الآسيوية بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.


وتسعى السعودية، التي تواجه المقاتلين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن منذ عام 2015، إلى إنهاء الصراع الذي عرض منشآتها النفطية لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ خلال السنوات الماضية، وفق تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس.