أخبار عاجلة

مقالة

كواليس خطف المواطن السعودي وتحريره في لبنان
31-05-2023 | 10:36

في وقت قياسي لم يزد على 48 ساعة، استطاع الجيش اللبناني تحرير المختطف السعودي مشاري المطيري، الموظف في شركة مزودة للخدمات تعمل لمصلحة الخطوط الجوية السعودية في بيروت، بعد عملية نوعية على الحدود اللبنانية - السورية، حيث أوقف تسعة من المتورطين، بينما تستمر المداهمات في الشراونة وبعلبك لتوقيف بقية أعضاء الشبكة.


كشف مصدر أمني لبناني عن كواليس عملية خطف المواطن السعودي وقال إنه عند نحو الساعة الثالثة فجر الأحد وبعد خروج المطيري من أحد المطاعم عند الواجهة البحرية في وسط بيروت ومغادرته في سيارته من نوع "شيروكي" تحمل لوحة لبنانية، فوجئ بعد وصوله إلى أحد الطرقات الرئيسة بسيارة تعترضه بداخلها عناصر يرتدون الزي العسكري للجيش اللبناني، واقترب منه أحدهم معرفاً عن نفسه بصفته الأمنية، طالباً مرافقته إلى أحد المراكز الأمنية القريبة في بيروت للاستفسار عن قضية معينة، وبالفعل تعاون المطيري معه وسمح له بالصعود إلى سيارته الخاصة، إلا أنه وبعد عبور مسافة قصيرة طلب منه النزول من سيارته والانتقال إلى السيارة الأخرى التي تقل الخاطفين.


وبحسب المعلومات التي تم استنتاجها من رصد حركة الاتصالات وتتبعها، فإن عدد الأفراد المشاركين في عملية الخطف تسعة أشخاص، أربعة منهم كانوا في محيط سيارة المطيري واثنان بمحيط المطعم وآخر تولى عملية مراقبة حركته داخل المطعم وإبلاغ زملائه قبيل خروجه، إضافة إلى شخصين انضما إلى الخاطفين عبر سيارة ثانية في أحد الشوارع الرئيسة لمواكبة الخاطفين.


تمويه المسار


كذلك تشير المعلومات إلى أن عناصر المجموعة الخاطفة توزعوا بين ثلاث سيارات إحداها الخاصة بالمطيري قبل أن تنفصل إحدى تلك المجموعات باتجاه طرابلس، ويعتقد بأن الهدف كان تمويه التعقب أو محاولة الإيحاء بنقل المخطوف إلى منطقة دير عمار في طرابلس ومن ثم إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية في عكار، في حين تجولت السيارة الثانية في مناطق عدة في بيروت وبقيت لنحو ثلاث ساعات بمنطقة المشرفية في الضاحية الجنوبية قبل أن تتوجه من محيط الشويفات باتجاه الحازمية في ساعات الصباح الأولى لتنتقل بعدها باتجاه ضهر البيدر نحو البقاع، حيث تشير المعلومات إلى توجه الخاطفين إلى بريتال قبل نقل المخطوف بسيارة أخرى ليل الأحد إلى منطقة القصر على الحدود السورية.


ووفق المعلومات فإن استخبارات الجيش استطاعت تتبع مسار الخاطفين والكشف عن محاولات التمويه والتعرف إلى الرأس المدبر لعملية الخطف وهو موسى علي جعفر المتواري في بلدة حاويك بريف القصير السورية، ونجحت خطة الضغط عليه عبر توقيف عناصر من عائلته شاركوا مباشرة في عملية الخطف أو عبر إخفاء بعضهم في حي الشراونة بمدينة بعلبك البقاعية.


وأوضح مصدر أمني في الجيش اللبناني أنه وبعد عمليات الضغط عليهم وتوقيف أشخاص ضالعين بعملية الخطف، تمكنت مجموعة من الجيش اللبناني من تنفيذ عملية مباغتة في منطقة القصر بالهرمل.


وأضاف أن سرعة العملية وتعاون أشخاص في المنطقة ساعدا على تحديد البقعة الجغرافية للخاطفين وتنقلاتهم والرابط بينها، مما أدى إلى الكشف عن المكان وتمكن الجيش من تحريره بشكل آمن ومن دون مواجهة مسلحة.


ولفت إلى أنه بعد تحرير المطيري، نقل إلى مركز الاستخبارات في الهرمل للاستماع إلى أقواله وأخذ إفادته، ومن ثم وصل إلى السفارة السعودية في لبنان قبل مغادرته البلاد ظهراً متوجهاً إلى الرياض.


خدمة السيارات


في السياق نفسه يشير مصدر في قوى الأمن الداخلي إلى أن هناك أيضاً شكوكاً بالعاملين بخدمة السيارات (Valet Parking) وحتى بعض الموظفين في المطعم، إذ يمكن أن يكون عدد منهم يعمل لمصلحة عصابات الخطف وأن عملهم يسهل عملية المراقبة ومتابعة حركة الزبائن.


ولفت إلى أنه بعيداً من هذه الحادثة، هناك مخاوف أمنية عبر عنها أكثر من مسؤول عن علاقة العاملين بشركات خدمة السيارات في بيروت وساحل المتن بشخصية أمنية تابعة لأحد الأحزاب الفاعلة التي تمتلك بعداً أمنياً في البلاد.


أمن السعوديين


وبعد تحرير المواطن السعودي، شكر سفير السعودية لدى لبنان وليد بخاري المعنيين على جهودهم واستجابتهم، وغرد عبر حسابه على "تويتر" قائلاً "أمن المواطن السعودي أولوية قصوى وقيمة أصيلة لا يمكن التنازل عنها أو المساومة عليها أو حتى التجادل حول أهميتها ومركزية قيمتها".


وحول تداعيات الحادثة، اعتبر المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي أن عودة عمليات الخطف والترهيب إلى لبنان تؤثر في علاقاته مع دول الخليج، مشيراً إلى أن الحادثة جاءت على عكس الأجواء الإيجابية التي تشهدها المنطقة.


ورأى أن الحادثة تنبئ بصيف ساخن في لبنان ربما تتكرر خلاله أحداث مماثلة مع رهائن آخرين، لافتاً إلى أن "السعودية ستتابع بحزم وجدية تامة هذه الحادثة في سبيل عدم تكرارها، كذلك تتقصى الأسباب الحقيقية وراءها وتتعامل مع السلطات الأمنية والجيش اللبناني على رغم هشاشة الوضع الداخلي والفراغ السياسي في البلاد".


وكشف عن أن "أصابع الاتهام كانت متجهة نحو منظمات إرهابية عدة منها "حزب الله" بسبب العداء التاريخي بينه والمملكة المعروفة بموقفها العربي الواضح ورؤيتها الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، مما يخلق لها عداء مع بعض الأطراف".


وأكد آل عاتي أن "السعودية تنتظر نتائج تحقيق شفاف وستشارك عن قرب في التحقيقات"، لافتاً إلى أن المملكة تدعم لبنان وفرضه هيبته وتطبيق النظام والقانون على كامل أراضيه.


اطمئنان سياحي


وأثارت الحادثة مخاوف على مستقبل الموسم السياحي الذي يعول عليه اللبنانيون، لكن سرعة الأجهزة الأمنية في إنجاز المهمة المطلوبة منها بتحرير المواطن السعودي أراح هذا القطاع.


وفي السياق طمأن الأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي بأن سرعة استجابة الجيش اللبناني أنقذت الموسم، معتبراً أن التحرك السريع والفاعل للجيش والقوى الأمنية يشكل عامل اطمئنان.



طوني بولس | اندبندنت عربية