دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى تحرّك رسمي عاجل لحسم ملف سلاح حزبالله، معتبرًا أن استمرار الوضع القائم يهدد الاستقرار ويقوّض ما تبقى من مؤسسات الدولة، ويُنذر بصيف لبناني "سيّئ"، في ظل الغموض الإقليمي والتصعيد الإسرائيلي المتواصل.
وأشار جعجع إلى أن لبنان التزم ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في تشرين الثاني 2024 بسحب السلاح من كل الجهات غير الرسمية خلال مهلة 120 يومًا، لكن هذا البند الأساسي "يتم تجاهله تحت حجج وتبريرات واهية"، مضيفًا أن "سلاح حزبالله يجب أن يُحصر فقط في أيدي مؤسسات الدولة الرسمية".
وأكد جعجع أن "تجاهل هذا الالتزام يُفقد الدولة شرعيتها أمام المجتمع الدولي، ويضعف قدرتها على حماية سيادتها".
كما اعتبر جعجع أن سلاح حزبالله لم يعد يشكّل عامل ردع حقيقي لإسرائيل، قائلاً: "لا فائدة منه في الدفاع عن لبنان، بل هو اليوم مصدر ضرر داخلي وخارجي. إذا كان لا يردع إسرائيل ولا يمنع الضربات، فما قيمته؟". وأضاف: "الكلام عن أن هذا السلاح لحماية لبنان هو كلام فارغ، والدليل أن إسرائيل لا تتوقف عن اعتداءاتها، ولا أحد يردعها".
ورأى جعجع أن حزبالله يحافظ على "تركيبة أمنية وعسكرية خاصة خارجة عن الدولة، ما يفرغ السيادة من مضمونها، ويمنع لبنان من التحدث كدولة موحدة أمام الخارج".
جعجع رفض مبدأ ربط أي خطوة متعلقة بسلاح حزبالله بـ"موافقة الحزب نفسه"، معتبرًا أن "القرار السيادي لا يُستجدى، بل يُمارَس". وأضاف: "رئيس الجمهورية انتُخب بأغلبية واضحة، والحكومة نالت الثقة مرتين، وعلى هذه السلطات أن تمارس دورها ولا تنتظر موافقات من خارج مؤسسات الدولة".
ودعا إلى عقد جلسة حكومية فورية لإصدار قرار صريح بحل كل التنظيمات العسكرية والأمنية الخارجة عن الشرعية، ومنح الجيش اللبناني مهمة تنفيذ القرار تدريجيًا وفق آليات قانونية.
واستنكر جعجع التخويف الدائم من خطر الحرب الأهلية في حال فتح ملف السلاح، مؤكدًا أن "هذا منطق مرفوض، وهو ما يمنع الدولة من النهوض".
وكشف جعجع أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه فرنسا، بات "يفقد الثقة بلبنان"، مشيرًا إلى أن مؤتمر الدعم الموعود من باريس لم يُحدّد موعده بسبب الفيتو الأميركي، وقد يُلغى مؤتمر الخريف بسبب ما وصفه بـ"غياب القرار السيادي اللبناني".
وأوضح أن استمرار الفوضى السياسية والعسكرية قد يؤدي إلى وقف الدعم الدولي للجيش اللبناني ولقوات اليونيفيل.
أعرب جعجع عن شكوكه حول جدية الوساطات القائمة، قائلًا إن الردود الرسمية التي يتلقاها حزبه تكرر عبارة: "بانتظار الموفد الأميركي توم برّاك"، مضيفًا بسخرية: "منذ البداية قلت إن كل ما يحصل هو طبخة بحص".
وانتقد جعجع ما أسماه "نهج الاسترضاء" القائم على الرجوع إلى نبيه بري الذي يتواصل مع حزبالله، بدل اتخاذ قرارات سيادية مباشرة. وقال: "هكذا نُثبت أن السلطة موزعة بين الدولة وغير الدولة، ولا أحد في الخارج يعترف بنا كدولة مكتملة".
وفي الشق الإقليمي، قلل جعجع من المخاوف المرتبطة بما يجري في سوريا.
جعجع ختم بتأكيده أن ما يطرحه "ليس مطلبًا دوليًا بل لبنانيًا"، ويستند إلى خطاب القسم، والبيان الوزاري، واتفاق الطائف، داعيًا كل القوى السياسية إلى دعم إصدار قرار رسمي واضح من الحكومة لحظر التنظيمات المسلحة كافة، وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة.
وقال جعجع: "نحن أمام مرحلة مصيرية. لم نعد نحتمل الاستمرار على هذا النحو".