يشير مصدر دبلوماسي مطلع في باريس إلى أن الولايات المتحدة والدول الغربية والعربية الداعمة للبنان ترى في الظروف الحالية، لا سيما بعد الخسائر التي تكبدها حزبالله، فرصة حقيقية لدعم الحكومة اللبنانية في استعادة سيادتها، وإنهاء تهديد مستمر على الحدود الجنوبية وفي الداخل، واسترجاع قرار السلم والحرب الذي ما زال محتجزًا بيد الحزب. فاستمرار حزبالله في الاحتفاظ بسلاحه يعني، ببساطة، بقاء الدولة اللبنانية عاجزة عن فرض سلطتها على السلاح والقرار الأمني.
ويؤكد المصدر بحسب "النهار"، أن الدول الداعمة للبنان تتفق على معادلة واضحة: نزع سلاح حزبالله مقابل استعادة الدولة اللبنانية سيادتها الكاملة، وهو شرط أساسي لإنهاء الهجمات الإسرائيلية المتكررة، وتأمين انسحاب إسرائيل من التلال اللبنانية الخمس، إضافة إلى إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
وفي ردها على المقترحات الأميركية، عبّرت الدولة اللبنانية عن التزامها بالقرار الدولي 1701 واحتكار السلاح الشرعي، لكنها شددت على أن أي تقدم إضافي في نزع السلاح، خصوصاً شمال نهر الليطاني، يجب أن يترافق أولاً مع انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف انتهاكات السيادة كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار بتاريخ 26 تشرين الثاني الماضي.
ويكشف المصدر ل"النهار" أن الموفد الأميركي توم برّاك أعرب عن استياء الإدارة الأميركية من بطء التحرك اللبناني في ملف سلاح حزبالله، محذراً من نفاد صبر واشنطن. وفي السياق ذاته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد لقائه رئيس الحكومة نواف سلام، إلى "تمكين الدولة اللبنانية من بسط سلطتها الكاملة على أراضيها". كما عبّرت السعودية، من خلال وزير خارجيتها، عن استيائها الشديد من تأخر الدولة في تسلم ملفي الأمن والسلاح، معتبرة أن أي مساعدات مستقبلية للبنان ستكون مشروطة بهذا المسار.
ورغم انطباع المسؤولين اللبنانيين بوجود تقدم في المفاوضات، إلا أن المصدر يرى أن الهوة لا تزال واسعة بين الموقفين اللبناني والأميركي، خصوصاً في ظل تصلب حزبالله في رفضه التنازل عن سلاحه. فحزبالله، الذي يمتلك ترسانة تضم طائرات مسيرة وصواريخ دقيقة بعيدة المدى مخزنة شمال الليطاني وفي الضاحية الجنوبية، يعتبر أن نزع سلاحه يعني خسارته لمصدر قوته الأساسي داخل بيئته، ويشكك في قدرته على خوض الانتخابات المقبلة من دون سلاحه كرافعة سياسية.
وبحسب المصدر، فإن الحزب يتعامل حتى الآن مع الضغوط الدولية بمنهج احتوائي، ويتعاون بحدوده الدنيا، بينما يسعى مع حليفته إيران إلى إعادة ترميم قوته تدريجياً. لذلك لا يحمل الموقف الرسمي اللبناني أي التزام صريح بنزع السلاح، ولا يتضمن جدولاً زمنياً واضحاً لذلك. فالحكومة والحزب يعتبران أن الدخول في هذا المسار من دون رؤية استراتيجية للعلاقة الأميركية-الإيرانية، ودون ضمانات دولية حقيقية، يحمل مخاطرة كبيرة على لبنان.
لكنّ واشنطن، بحسب توم برّاك، ترفض تقديم أي ضمانات، وتصرّ على أن مسألة السلاح شأن داخلي يجب أن تقرره الحكومة اللبنانية وحدها، محذّرة من أن الإخفاق في معالجته قد يعيد إشعال التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان.
ويختم المصدر بالقول إن مستقبل ملف سلاح حزبالله لا يجب أن يُربط حصراً بنتائج التفاهمات أو النزاعات بين واشنطن وطهران. ما يجب أن يقلق السلطات اللبنانية والحزب، هو احتمال تراجع اهتمام الولايات المتحدة بلبنان في ظل تحولات كبرى تشهدها المنطقة. وفي هذه الحال، قد يجد لبنان نفسه في موقع المتفرج، واقفًا على الهامش، فيما الأحداث المصيرية تُصاغ من حوله.
النهار