نفّذ أهالي وأبناء المعاملتين تظاهرة حاشدة استنكارًا لجريمة قتل المغدورَين جورج وليليان تحومي الأسبوع الماضي، واحتجاجًا على الوضع الأمني المتفلّت في المنطقة. وشهدت التظاهرة مشاركة لافتة من نواب وبلديات وفاعليات مدنية ودينية، تأكيدًا على وحدة الصوت المطالب بإعادة الأمن والكرامة إلى المعاملتين.
شهدت التظاهرة مشاركة النائبان ندى البستاني وسليم الصايغ، إلى جانب نقيب المحررين جوزف القصيفي، ورؤساء بلديات جونيه فيصل إفرام، غزير كريستوف باسيل، وفتقا فاديا الشدياق، بالإضافة إلى شخصيات مثل السفير خليل كرم، القنصل جاك حكيم، كهنة ومخاتير ووجهاء المنطقة. انطلقت التظاهرة من المدخل الجنوبي للمنطقة، بعد الوقوف دقيقة صمت حدادًا على أرواح الضحايا، وعلى وقع الأناشيد الوطنية، رُفع العلم اللبناني وأعلام “حراس غادير”، وصولًا إلى ساحة المعاملتين، حيث بدأ الاعتصام بكلمات من الكهنة والشخصيات الحقوقية والاجتماعية.
رئيس بلدية جونيه، فيصل إفرام، شدد على أنّ البلدية ملتزمة بالتعاون مع الأهالي والقوى الأمنية لتطبيق خطة متكاملة تُعيد للمعاملتين وجهها السياحي. وقال: “لن نقبل بعد اليوم بهذا الواقع، وسنتابع العمل لتأمين الأمن والكرامة لكل سكان المعاملتين وزوارها”. وأضاف: “بدأنا وضع تدابير وخطط واضحة لتثبيت الأمن، وسنكون يدًا واحدة مع الناس لإنهاء هذه الفوضى”.
من جهته، اعتبر رئيس بلدية غزير كريستوف باسيل أنّ ما يحدث “مصاب كبير وقلق على المستقبل”، مؤكدًا أن المعركة الحالية “أخلاقية لا تعرف حدودًا”. وأضاف: “نؤمن بدولة راعية تحمي أبناءها، ونرفض القتل والعنف والرذيلة، لأن أمن المجتمع فوق كل اعتبار”. وختم: “نطالب بخطة أمنية شاملة وقرارات حازمة تحفظ المعاملتين من الفوضى والجريمة المنظمة”.
نقيب المحررين جوزف القصيفي حمل رسالة تحذيرية، معتبرًا أن ما يحصل هو انهيار لمنطقة كانت تُعتبر درة السياحة، فباتت مرتعًا للجريمة والمخدرات والدعارة. وقال: “كيف يمكن أن تنعم منطقة بالازدهار في ظل غياب القانون؟ نحن نطالب بتحقيق سريع، لا فقط في جريمة التحومي، بل أيضًا في قضية مقتل إميل شباط، ونطالب بنقاط تفتيش ثابتة ودائمة على كامل الشريط الساحلي الممتد من جونيه إلى طبرجا”. وختم قائلاً: “إن لم تتحرك الدولة وتستأصل بؤر الفساد، فالآتي أعظم”.
الدكتور عبدالله التحومي، نجل الضحيتين جورج وليليان، ألقى كلمة مؤثّرة قال فيها: “ما ذنب والديّ ليكون هذا مصيرهما؟”، مؤكّدًا أنّ العائلة لن تكتفي بالمحاكمة، بل ستسعى إلى تنظيف المنطقة من كل مظاهر الإجرام والفساد. وأعلن إطلاق “مؤسسة جورج وليليان تحومي الاجتماعية” التي سيكون هدفها الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والأمني في المنطقة، وتكريس إرث الضحيتين كرمز لحق الناس بالحياة الآمنة.
التظاهرة الشعبية في المعاملتين كانت أكثر من صرخة، بل إنذار حقيقي بأن الأمن لا يمكن أن يكون وجهة نظر، وأن الناس لن تسكت بعد اليوم. الرسالة وصلت إلى الدولة بكل مؤسساتها: التحرّك العاجل بات ضرورة لا خيارًا، فدم الأبرياء لا يُترك بلا عدالة، والأمن ليس ترفًا بل حق.