*هل"صورة" نصرالله في الروشة هي"صورة" لانتصارات الحزب شمال الليطاني بينما يعتبر سلام ما حدث "وعد غير صادق" من حزب الله؟! وهل أسقطت صورة الروشة ورقة توم براك؟ وهل تعيد "الصورة" ترميم منازل بيئة الحزب؟*
قد تكون أقسى رمزية لصورة السيد حسن نصرالله على صخرة الروشة هي تعبيرها أن الحزب لم يكن قادراً، حتى، على حماية قائده، وأمينه العام التاريخي!
رمزية صورة الروشة تعبر ايضاً أن حزب الله لم يكن قادراً بعدها على حماية أمينه العام اللاحق السيد هاشم صفي الدين، ولا على حماية القيادات العسكرية جميعها، من ابراهيم عقيل الى علي كركي... وقادة الرضوان وقبلهم فؤاد شكر، ومصطفى بدر الدين... وقبلهم عماد مغنية!
والسؤال الحقيقي، هل ما يزال حزب الله قادراً قبل الصورة على الروشة وبعدها، على مواجهة اسرائيل؟!
في الواقع، لم يعد حزب الله قادراً على التواجد جنوب الليطاني بأي شكل من الأشكال!
وبدا حزب الله، وما يزال يبدو، غير قادر على الرد على اسرائيل باستهداف قياداته في سلسلة الاغتيالات اليومية، وغير قادر على الرد باستهداف قراه ومواقعه بالغارات بين الحين والآخر أسبوعياً!
ويمكن لحزب الله أن يقول إنه يترك للأمر، حالياً على الأقل، للبنان الرسمي، غير القادر هو الآخر، على حماية لبنان عسكرياً!
في حين يعتبر الكثيرون في لبنان أن القدرة على رد حزب الله على اسرائيل أصبحت معدومة، أو يعتبر آخرون أن مواجهة اسرائيل هي الخيار الوحيد المتبقي أمام الحزب!
ولذلك، فإن "صورة" الروشة هي "صورة" للانتصارات "الكربلائية" التي سيحاول حزب الله تحقيقها فقط شمال الليطاني!
ولا يمكن بالتأكيد أن تصل انتصارات الحزب شمال الليطاني الى ما يشبه 7 أيار جديد! لا عسكرياً ولا حتى إعلامياً!
وأكثر ما يحتاجه حزب الله اليوم هو مواجهة "نتائج" اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تكثف اجتماعاتها في هذه المرحلة بهدف الاشراف على سحب سلاحه بالكامل، جنوب وشمال الليطاني! وكان آخرها منذ يومين بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس!
*الوعد غير الصادق يتسبب بخسارة نصرالله!*
يخطيء من يجعل من "حبة" صورة الروشة "قبة" في انتقاص الهيبة الحكومية!
فالخطأ هو من "وعد غير صادق" أعطته الجهة المنظمة للحكومة بهدف خلق بلبلة بين اللبنانيين! وهذا ما عبّر عنه رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام!
كما أخطأ حزب الله بتحجيم "صورة" السيد حسن نصرالله السياسية الى "صورة" ضوئية!
إن صورة السيد حسن نصرالله لم تعبر الى الجليل! والمؤسف هو اعتبار البعض أن وصولها الى صخرة الروشة هو انتصار بحد ذاته!
فهل هو انتصار على المخطط الصهيوني في بيروت؟! أو انتصار على المذاهب الأخرى في بيروت، حتى لو تمّ تمرير، ضمن الصور، صورة الشهيد رفيق الحريري في المناسبة؟!
والمؤسف أن منظمي مناسبة الروشة أساؤا الى السيد حسن نصرالله شخصياً بتحويل مناسبة الذكرى الى خلاف وإشكاليات غطت على ذكرى استشهاده نفسها، وجعلته الخاسر الأكبر في المناسبة!
وأن المنظمين حولوا صورة السيد حسن نصرالله بمجرد وجودها الى موضوع خلافي بين اللبنانيين، وجعلها في مكان استعداء من كل اللبنانيين، خارج جمهور الحزب!
ما نجح به حزب الله على الروشة هو "التمريك" على الحكومة! وهو حفر مزيد من الهوة معها. وهو دفع قسم من اللبنانيين الى مزيد من التطرف حياله وحيال سلاحه، مطالبين الحكومة بمواقف أكثر حزماً!
*أسئلة متحركة لحزب الله بأجوبة ثابتة!*
أسئلة كثيرة قد يطرحها اللبنانيون في هذه المناسبة، ومنها:
هل نجح حزب الله بحماية سلاحه ب"صورة" على صخرة الروشة؟! بالتأكيد لا!
هل يمكن لصورة صخرة الروشة أن تعيد "شرعية" سلاح حزب الله؟! بالتأكيد لا!
هل إن مسألة الصورة هي نوع من هروب الى الأمام لتحويل الأنظار عن استحقاق تسليم الحزب لسلاحه؟! ممكن طبعاً!
الأخطر هو أن حزب الله يبدو غير قادر على تنفيذ أي شيء في السياسة! فيذهب الى بعض التحركات الشعبية، لا أكثر!
ويتعرض حزب الله اليوم لرفض لسلاحه من كل حلفائه التاريخيين؛ من السنة والمسيحيين والدروز... بالإضافة الى خصومه "الطبيعيين" والى الشيعة المستقلين.
أما لماذا غيّر حزب الله اتجاه بوصلته من اسرائيل الى الحكومة؟! هل لأنه يعتبر الحكومة "صهيونية" بسبب نزع شرعية سلاحه، وبسبب إصرارها على تسليمه لسلاحه؟! بالتأكيد!
فالقرار الحكومي الأقسى على حزب الله كان القضاء على ثلاثية: جيش، شعب ومقاومة! وكان بسلسلة قرارات حكومية نزعت الشرعية عن سلاح الحزب وثبتت حصرية السلاح بالجيش اللبناني، تطبيقاً لخطاب القسم الرئاسي!
من الطبيعي أن يعتبر الحزب أن الجيش غير قادر على مواجهة اسرائيل بسبب عدم تجهيزه! وطبعاً يمكنه الاستناد الى حديث الموفد الأميركي توم براك الأخير الذي يؤكد مرة جديدة عدم السماح للبنان بالتسلح لمحاربة اسرائيل!
ولكن، هل تعيد محاولة حزب الله كسر هيبة الحكومة أهالي الجنوب الى قرارهم؟ بالتأكيد لا! وهل تعيد بناء بيوتهم؟ بالتأكيد لا!
لا تغير صورة الروشة مأزق حزب الله بشيء! لا شتم رئيس الحكومة سلام ونعته "بالصهيوني"، ولا "الحط على عين أهل بيروت"!
وكما استفاق حزب الله منذ سنة من سلسلة الكوابيس التي أصابته انطلاقاً من حادثة البيجرز التي أنهته عسكرياً، الى سلسلة قتل القادة، الى التدمير والتهجير لأبناء البيئة، فإن الحزب يعرض نفسه، وهذا خياره الخاص، إما الى النصر وإما الى الموت بحسب أمينه العام "نعيم قاسم"!
فهل تكون معارك حزب الله "الكربلائية" هذه المرة، باستثناء بعض العمليات المحدودة، حصراً... شمال الليطاني؟!
سمير سكاف - كاتب ومحلل سياسي