أخبار عاجلة

مقالة

نواف سلام
14-11-2025 | 06:40


أعرفُه من وسائل الإعلام. يلفتُني إذ يتحدّث كرجل دولة A Statesman. لا يدوِّر الزوايا لكنّه لا يتهجّم لا في الشخصي ولا في غيره. ثابتٌ في مواقفه. لا يتقلّب. جريء من دون أن يستفزَّ أحداً بطريقة التعبير.


لا تسمع في كلامه تحريضاً ولا اتّهاماً. في مقاربته المتواضعة في وجه التهجّم عليه غنىً تتعلّم الكثير منه. ليس في معارضتِه لأمر ما موقفٌ شخصي. 


عندما يتحدّث أشعر بأنّي أستمع إلى مسؤول لبناني لا إلى مسؤول سنّي أو سياسي مسلم. رجلٌ مؤمن لكنّه غير متعصِّب. لا يخلط بين السياسة والدين، الأمر الّذي أراح كثيرين من غير المسلمين والمسلمين أيضاً. هي من المرّات القليلة في العقود الخمسة الأخيرة يكون فيها رئيسُ حكومةٍ يمثّل الدولةَ لا مذهبَه ويمثّل كلّ لبنان لا السنّة فقط. حرّرني في تفكيري من عقدة التمثيل الطائفي والمذهبي الّتي في رأيي أساءت إلى الطوائف والمذاهب أكثر بكثير ممّا خدمتها. 


لا يتحدّث طائفيّاً، وعدمُ حديثِه الطائفي ليس تمثيلاً. هو جزءٌ منه. "جايي معو من الشركة".


راقبتُ التعيينات. "الزلمي ما عندو ناسو". لعلّه لم ينجح في كلّ المواقف أو التعيينات لكن البناءَ على ما نجح فيه يمكن أن يُنتج تجربةً في الحكم فريدةً من نوعها. هو يفكّر بأشخاص يستطيعون أن يبنوا دولة. أعتقد أنّ يوم تركِه الحكم فإنّ الّذين عيّنهم سلام سيكونون "زلم الدولة". 


الأيّام قد تبرهن ذلك. في موضوع السيادة، لا أستطيع أن أُزايد على رجلِ قانون أدانَ من أعلى سلطة قضائيّة في العالم بنيامين نتنياهو من دون أن يحسب أيّ حسابٍ ضيّق يتعلّق بمستقبله السياسي أو القضائي. يُضيف ذلك إلى تاريخه النقي من الفساد وسفك الدم والتحريض نقاءً. 


لا أعتقد أنّ نواف سلام ضد حزب الله. لا أعتقد أنّه ضدّ أيّ لبناني. أعتقد أنّه مع بناء الدولة. لا أعتقد أنّ أحداً في الجمهوريّة اللبنانيّة يريد رئيسَ حكومةٍ لا يريد بناء الدولة، أو حاكماً يكون ضدّ بسط الدولة سيادتها، أو مسؤولاً يراعي الفساد الطائفي في البلد.


لذا فإنّ "المشكل" يجب ألا يكون مع سلام. التحدّي يكمن في كيفيّة المساهمة في بناء الدولة المسؤولة أمنيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً عنّا جميعاً. الهدف أهم من الوسيلة. النقاش يجب أن يكون دائماً حول الهدف. الوسيلة تُناقَش إذا نحن فعلاً تمسّكنا بهدف بناء الدولة، وهو الهدف الطبيعي لكلّ الشعوب والدول والحكومات.


في المؤسّسات، الـ Policy أي سياسة المؤسّسة حول موضوع ما، ورؤيتها في هذا المجال، أهم بكثير من الـ Procedure أي آلية تطبيق الـ Policy. إذا اختلفنا مع نوّاف سلام حول الآليّة فلا بأس، لكن الاختلاف حول السياسة أي الـ Policy أو الهدف وهو بناء الدولة، فلا مجال للإختلاف، إلّا إذا أردنا أن نكتب مفهوماً جديداً للدولة وبناء الدولة وسيادة الدولة على أراضيها.


سمير قسطنطين | النهار